TAIZÉ

رسالة 2009

رسالة من كينيا

 
اجتمع في نيروبي حوالي 7000 شاب من مختلف مناطق كينيا ومن دول إفريقية أخرى وأيضاً من قارات مختلفة في الفترة من 26 إلى 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2008. تم هذا اللقاء، وهو مرحلة من "رحلة الحج المبني على الثقة في أنحاء الأرض" الذي تنظمه جماعة تيزيه، في ضيافة 80 كنيسة من طوائف مختلفة في نيروبي. بهذا ساعد اللقاء على بناء علاقات أكثر أخوية والابتعاد عن التصورات السلبية المسبقة عن الآخر، هذه التصورات التي يغذيها قلة الاختلاط بين الشعوب وجراح التاريخ.
لجماعة تيزيه تواجد في القارة الإفريقية منذ 55 عاماً من خلال مجموعات صغيرة من الأخوة يشاركون فيها حياتهم مع أفقر الفقراء. عاش الأخوة خلال هذه الفترة في الجزائر وكوت ديفوار والنيجر ورواندا وكينيا. وسكن بعض الأخوة منذ 16 عاماً في السنغال في أحد الأحياء البسيطة بمدينة داكار وسط السكان أغلبهم مسلمين.
 
كتب ديسمون توتو، رئيس أساقفة الكاب السابق (الكنيسة الأنجليكانية بجنوب إفريقيا) الآتي: «للصلب والقيامة معاني عميقة في القارة الإفريقية. إن بناء الثقة والمصالحة لهو حقيقة تتجدد كل يوم... نحن جميعاً أبناء الله، وفي المسيح لا يوجد فرق بين أبناء رواندا والكونغو، ولا بين أبناء بوروندي وكينيا، ولا بين أبناء نيجريا وجنوب إفريقيا: نحن جميعاً واحد في المسيح يسوع. أعلم أن جماعة تيزيه، هي أيضاً، تحمل هذه الرسالة، وهي بذلك متضامنة معنا في سعينا لتطبيقها في جنوب إفريقيا، وفي القارة الإفريقية بأكملها، وأيضاً في باقي أنحاء العالم حيث مازلنا نحتاج لأن تحل الصداقة والمصالحة والثقة محل الخوف من الآخر«.
في إفريقيا، لا تقدر التجارب أن تزيل معنى الكرامة الذي نلاحظه بالأخص لدي الفقراء. لا تستطيع مصاعب الحياة أن تغلب الفرح ولا الشدائد أن تمنع الناس من الرقص. يرفض الكثيرون الانهزام أمام اليأس. في مقدمة هؤلاء غالباً ما نجد النساء، هي اللاتي تتحملن الكثير من المسئوليات في الأسرة والمجتمع متحليات بروح الابتكار والمثابرة.
في مواجهة التمزق الذي تعاني منه القارة يستمر الكثيرون في سعيهم الشجاع نحو المصالحة والسلام. يحاول المسيحيون أن يحملوا هذا الرجاء: أن رباط المعمودية في المسيح أقوي من كل الانقسامات. وكم من مسيحيين أفارقة دفعوا حياتهم ثمناً لإيمانهم هذا.
تم نشر هذه «الرسالة من كينيا»، والتي كتبها الأخ ألويز لسنة 2009، أثناء انعقاد اللقاء الأوروبي للشبيبة الذي انعقد في بروكسل في أواخر ديسمبر / كانون الأول 2008.

يتغير المجتمع وتتغير السلوكيات بشكل سريع في جميع أنحاء العالم. بينما تتضاعف الفرص الهائلة للتنمية، تظهر أيضاً القلاقل وتزداد حدة القلق بشأن المستقبل. [1]

يتغير المجتمع وتتغير السلوكيات بشكل سريع في جميع أنحاء العالم. بينما تتضاعف الفرص الهائلة للتنمية، تظهر أيضاً القلاقل وتزداد حدة القلق بشأن المستقبل. ولكي يصاحب التقدم التقني والاقتصادي قدر أكبر من الإنسانية، يتحتم علينا أن نبحث عن معنى أعمق للوجود. وأمام الملل والعجز الذي يعاني منه الكثيرون، يطرح هذا السؤال نفسه: ما هو النبع الذي نستقي منه حياتنا؟

قبل المسيح بقرون عديدة أشار النبي إشعيا إلى نبعٍ عندما كتب «الذينَ يَرجونَ الرّبَّ فتَتَجدَّدُ قِواهُم ولا يَتعَبونَ إذا ركضوا ويَسيرونَ ولا يكِلُّونَ». [2]

ازداد عدد الناس الذين لا يجدون هذا النبع بالمقارنة بالماضي، بل وحتى اسم الله أصبح يشوبه سوء الفهم أو أصبح منسياً تماماً. هل هناك صلة بين زوال الإيمان هذا وبين فقدان الشهية للحياة؟ كيف يمكننا إزاحة ما يغطي هذا النبع في داخلنا؟ أليس بأن نكون أكثر انتباهاً لحضور الله؟ وهكذا يمكننا أن نستقي الرجاء والفرح.

بذلك يتدفق هذا النبع من جديد فيصبح لحياتنا معنى ونصبح قادرين على تحمّل مسئولية وجودنا إذ نستقبله كعطية، وبدورنا نبذل أنفسنا من أجل من هم مسئولون منا.

حتى وإن كان إيماننا بالغ الصغر، فإننا نتحول بحيث لا نحيا متمركزين حول أنفسنا. عندما نفتح لله قلوبنا، فإننا في ذات الوقت نعد له الطريق للمجيء في قلوب الكثيرين.

أن نتحمل مسئولية وجودنا

نعم، إن الله حاضر في كل إنسان، سواء كان مؤمناً أو غير مؤمن. منذ صفحته الأولى يصف لنا الكتاب المقدس، بأسلوب شعري جميل، كيف يهب الله نسمة الحياة لجميع البشر. [3]

أظهر لنا يسوع، أثناء وجوده على الأرض، محبة الله غير المحدودة لكل إنسان وببذله لذاته إلى المنتهي، كتب يسوع كلمة «نعم» التي يقولها الله في عمق البشرية. [4] وبعد قيامة المسيح ليس من الممكن أن يتملكنا اليأس من العالم أو من أنفسنا.

ُعطي لنا الروح القدس منذ ذلك الحين وإلي الأبد. [5] وبواسطة روحه الساكن في قلوبنا، يقبلنا الله على ما نحن عليه. لذلك لا يمكن أن ينتابنا الملل من سماع كلمات إشعيا النبي: «لأنَّ الرّبَّ يُسَرُّ بكِ، وبما في أرضِكِ مِنْ خصبٍ». [6]

فلنقبل إذن أنفسنا، بما نحن عليه وبما ليس فينا، بل يمكننا أن نصل إلى نتحمل مسئولية ما لم نختاره في حياتنا والذي هو جزء لا يتجزأ منها. [7] فلنجرؤ أيضًا أن نبدع شيئاً انطلاقا مما هو غير كامل وبهذا نجد الحرية. وبالرغم من أحمالنا الثقيلة، نستقبل حياتنا على أنها عطية ونستقبل كل يوم بوصفه اليوم الإلهي. [8]

منقادين لأن نتخطى الحدود

إن كان الله فينا، فهو أيضاً يتقدمنا. [9] إنه يقبلنا كما نحن، ولكنه أيضاً يجذبنا نحو ما هو أبعد مما نحن عليه. إنه يأتي أحياناً ليزعزع كياننا وبغيّر خططنا ومشروعاتنا. [10] لذلك تشجعنا حياة يسوع على أن نحيا بهذا المنظور.

كان يسوع مستسلماً لقيادة الروح القدس وكان يذكر دائماً الوجود غير المرئي لله الآب. وفي هذا يكمن أساس حريته التي جعلته يبذل حياته بكل محبة. لم يكن في يسوع أي تضاد بين العلاقة مع الله الآب والحرية بل تعضد كل واحدة الأخرى. [11]

توجد في داخل كل واحد منا رغبة في أن نتوجّه ناحية المُطلق بكل كياننا، بجسدنا وروحنا وعقلنا. يضرم في كل واحد العطش للحب، من الرضيع إلى كبير السن. وحتى أعمق العلاقات الإنسانية الحميمة لا تقدر أن تروي هذا العطش.

كثيراً ما نشعر بهذه التطلعات كأنها نقص أو فراغ وأحياناً يعرضنا ذلك للتشتت. ولكن هذه التطلعات هي بعيدة كل البعد عن أن تكون شيئاً غريباً، فهي جزء من كياننا. هي عطية، وهي تحوي داخلها بالفعل نداء من الله لنا أن نفتح ذواتنا.

بهذا يكون كل واحد منا مدعواً لأن يطرح على نفسه هذا السؤال: ما هي الحدود المطلوب مني أن أتخطاها الآن؟ ليس معنى ذلك بالضرورة أن «نفعل» ما هو أكثر. ولكننا مدعوون بالحري أن نحب أكثر. ولأن المحبة تقتضي كياننا كله حتى تعبّر عن نفسها، فعلينا أن نسعى، دون تأجيل ولا دقيقة واحدة، لأن نكون أكثر انتباهاً للقريب.

علينا أن نفعل ما في وسعنا، وإن كان قليلاً

أن نتعاون سوياً لتعميق إيماننا

يشعر الكثير من الشباب بالعزلة في مسيرتهم الداخلية. إن كنا اثنين أو ثلاثة، يمكننا أن نتعاون وأن نشارك وأن نصلي سوياً، حتى مع من يعتبرون أنفسهم أقرب إلى الشك من إلى الإيمان. [12]

تجد هذه المشاركة فائدة كبيرة إن قامت في إطار الكنيسة المحلية [13]، وهي جماعة الجماعات حيث تتلاقي كل الأجيال وحيث لا مجال لاختيار بعضنا البعض. الكنيسة هي عائلة الله، فهي الشركة التي تجذبنا خارج العزلة. فيها نكون موضع ترحاب، وفيها يكون لكلمة «نعم» التي يقولها الله لكياننا معنى متجدد، وفيها نجد تعزية الله لنا التي لا غنى عنها. [14]

ليت الكنائس ومجموعات الشباب تكون، في المقام الأول، أماكن لطيبة القلب وللثقة، أماكن يُرحب فيها بالآخر ونكون فيها أكثر انتباهاً للضعفاء!

أن نتخطى حدود الفواصل داخل مجتمعاتنا

للمساهمة في بناء عائلة إنسانية أكثر اتحاداً، أليس من الأمور الملحّة أن ننظر إلى العالم « من أسفله»؟ [15] هذه النظرة تستدعي أن نحيا في بساطة شديدة.

وبالرغم من أن الاتصالات أصبحت أسهل وأسهل، إلا أن المجتمعات ما تزال مقسمة، كما أن الخطر الناتج عن عدم المبالاة تجاه الآخر في ازدياد مستمر. فلنتخطى إذن حدود الفواصل داخل مجتمعاتنا! فلنذهب إلى المتألمين! فلنقم بزيارة المهمشين ومن يتعرضون لسوء المعاملة! فلنفكر في المهاجرين القريبين منا وهم في أغلب الوقت بعيدين عنا! [16] حينما يزداد الألم، نستطيع أيضاً أن نلاحظ أن المشروعات الجادة تتضاعف، وهي بذلك تكون علامات للرجاء.

ولكي نواجه الظلم والصراعات التي تهدد البشرية، ولكي نعزز من مشاركة الخيرات المادية، لا غنى من أن ننمي مهاراتنا. ولذلك فإن المثابرة في الدراسة وفي التعليم المهني يمكنها أيضاً أن تكون خدمة نقدمها للآخرين.

وإن كان هناك مظاهر واضحة للفقر والظلم، فهناك أيضاً أشكال أقل وضوحاً من الفقر. أحد هذه الأشكال هي المعاناة من الوحدة. [17]

أحياناً تتوارث الأجيال الأفكار المسبقة وسوء التفاهم، مما يمكن أن يؤدي لاندلاع العنف. وهناك أيضاً أشكال من العنف تبدو غير ضارة، إلا أنها مُهينة ومُذِله للآخر. من أمثلة ذلك الاستهزاء بالآخرين. [18]

فلنبحث إذن، أينما كنا، سواء كنا بمفردنا أو مع آخرين، عن لفتات عملية نقوم بها لمواجهة الشدائد. بهذا سوف نكتشف وجود المسيح حيثما لم نكن نتوقع أن نجده. هو القائم من بين الأموات، وهو حاضر هنا وسط بني البشر. وهو يتقدمنا في مسيرة التعاطف مع الآخرين. وهو بالفعل، بواسطة الروح القدس، يجدد وجه الأرض.

آخر تحديث: 28 آذار (مارس) 2009

حواشي

[1تنمو الأحياء الفقيرة والعشوائية بدلاً من أن تتقلص، وتزداد وطأة البطالة، خصوصاً لدي الشباب، في عدد كبير من البلدان، وذلك برغم النمو الاقتصادي العالمي والآمال المعلقة على التنمية. في إفريقيا، يزداد التقدم التقني بشكل سريع، مما يمكنه أن يهدد معنى النضج البطيء،هذا الأمر البالغ الأهمية بالنسبة للثقافة التقليدية هناك. وفي الوقت ذاته يضعف التضامن داخل الأسرة والقبيلة. كيف يمكن إحياء قيمة التضامن والعمل على انتشارها إلى ما هو أبعد من حدود الأسرة والقبيلة؛ سوف يساهم ذلك في الحد من هجرة الكثير من الشباب إلى الدول ذات مستوي المعيشة المرتفع دون أن يكونوا على قدر كاف من الوعي بالنتائج المترتبة على قرارهم هذا.

[2إشعيا 40: 31. وقت كتابة هذه الكلمات، كان السأم موجوداً بالفعل: «أنا باطِلاً تَعِبتُ، وعَبَثًا أتلَفتُ قُوَّتي» (إشعيا 49: 4) وأيضاً «الفِتيانُ يكِلُّونَ ويَتعَبونَ والشُّبانُ يَسقُطونَ مِنَ العَياءِ» (إشعيا 40: 30)، ولكن تبعث أقوال هذا النبي على الرجاء «الرّبَّ إلهٌ سرمَديٌّ يمنَحُ المُتعَبَ قُوَّةً ويَزيدُ فاقِدَ القُدرَةِ اَحتِمالاً» (إشعيا 40: 28-29).

[3نعم، إنها حقيقة أن الكثير من العوائق تهدد بخنق الحياة: الظلم، العنف من حولنا وفي داخلنا، روح المنافسة، أخطائنا، الخوف أو الانغلاق أمام ما هو مختلف، قلة تقديرنا لذواتنا...

[4في مناطق واسعة في إفريقيا، مثلما هو الحال لدي المسيحيين من قبائل الماساي، يعتبر المسيح أخ أكبر. هذا التعبير يتوافق مع ما ذكره المسيحيون الأوائل بأن المسيح هو «بِكرًا لإخوةٍ كثيرينَ» (رومة 9: 28). فبذلك يتجاوز يسوع، بواسطة موته وقيامته، التضامن الأسري والقبلي (أنظر الرسالة إلى أهل كولوسي 1: 18-20).

[5في لغات الكتاب المقدس كلمتي «نسمة» و«روح» هما كلمة واحدة. كتب الأنبياء أن الله يحل بنفسه داخل الإنسان بواسطة الروح القدس (حزقيال 36: 26ـ27). وبمجيء المسيح وبموته وقيامته، أُعطي لنا الروح القدس «بِغيرِ حِسابٍ» (يوحنا 3: 34). ومنذ ذلك الحين فإن نسمة الله تعمل باستمرار في الإنسانية إلى أن يأتي يوماً تشكّل فيه البشرية جسداً واحداً في المسيح.

[6إشعيا 62: 1ـ4.

[7التسليم بالواقع لا يعني الموافقة على كل شيء أو قبول الأحداث بشكل سلبي، بل أحياناً ننقاد لمقاومة الظلم أو الكشف عنه.

[8أحد أوائل كتب الأخ روجيه يحمل عنوان «أن نحيا اليوم الإلهي» (1958). وكان الأخ روجيه مقتنعاً بأهمية تواجد المؤمنين كاملاً في المجتمع المعاصر بدلاً من الاحتماء في الحنين إلى الماضي أو الهروب إلى أوهام المستقبل. نستطيع أن نتقابل مع الله وأن نحيا معه فقط في اللحظة الحاضرة.

[9كتب مسيحي إفريقي في القرن الرابع، وهو القديس أوغسطينوس هذه الصلاة: أنت اقرب من قربي لنفسي وأكثر علواً من قمم نفسي». (الاعترافات، الكتاب الثالث، 6: 11).

[10« «لا أفكاري أفكارُكُم يقولُ الرّبُّ، ولا طرُقُكُم طُرُقي» (إشعيا 55: 8). كانت العذراء مريم أيضاً متقبلة لما يتخطي الحدود حتى مشاهدة موت ابنها، وهو الأمر الذي كان صعب الفهم عليها، ولكنها ظلت تؤمن بوفاء الله بوعوده.

[11أثناء مجمع الأساقفة الذي انعقد في روما في أكتوبر 2008، أعلن الكاردينال دانيلز، رئيس أساقفة مالين وبروكسل، الآتي: «إن قوة الكلمة تتضمن حرية الإجابة لمن يستمع إليها. هذه هي بالأخص قوة كملة الله، فهي لا تلغي حرية المستمع بل هي أساس هذه الحرية».

[12يقول يسوع «فأينَما اَجتمعَ اَثنانِ أو ثلاثَةٌ باَسمي، كُنتُ هُناكَ بَينَهُم» (متى 18: 20).

[13كان المسيحيون الأوائل «يُداوِمونَ على الاستِماعِ إلى تَعليمِ الرُّسُلِ وعلى الحياةِ المُشتَركَةِ وكَسْرِ الخُبزِ والصَّلاةِ» (أعمال الرسل 2: 42). في إفريقيا، كما هو الحال أيضاً في أمريكا اللاتينية وفي بعض دول آسيا، لا يتجمع المسيحيون فقط في إطار الكنائس بل أيضاً على مستوي الحي أو القرية أو في جماعات كنسية صغيرة. هم يصلون سوياً ويعضد بعضهم البعض. هناك دفء في العلاقات الإنسانية والتزام شخصي من كل واحد أن يجعل الكنيسة مكاناً حقيقياً للشركة.

[14في إفريقيا، يعتبر الناس الكنيسة أسرة الله ويرون في الله الأم التي تعزي أولادها. لقد كتب إشعيا النبي من قبل: «كمَنْ تُعَزِّيهِ أمُّهُ أُعَزِّيكُم أنا» (إشعيا 66: 13). انظر أيضاً إشعيا 16: 13ـ15. رؤية الكنيسة من هذا المنظور تحفزنا على أن نسعى إلى وحدتها. لا يمكننا أن نقف سلبيين أمام استمرار انقسام عائلة الله إلى طوائف متعددة.

[15كان اللاهوتي الألماني ديتريش بونهوفر ينتمي إلى طبقة اجتماعية راقية، ولكن انخراطه في المقاومة أثناء الحرب العالمية الثانية أدي به إلى أن يعيش حياة كادحة ثم يعتقل ويلاقي حتفه. وكان قد كتب في 1943: «إنها تجربة لا نظير لها بأن أتعلم فجأة أن أري الأحداث الهامة من تاريخ العالم من أسفل، من منظور المهمشين والمتهمين والذي يساء معاملتهم والذي لا حول لهم ولا قوة، المضطهدين والمنبوذين، أي، في كلمة واحدة، من وجهة نظر المتألمين».

[16من حسن الحظ أن هناك اليوم جهوداً تبذل من أجل الحفاظ على الثقافات المهددة بالزوال. حقاً لا يمكن لأي ثقافة أن تنمو في معزل تام عما حولها. وفي زمن العولمة يصبح الامتزاج بين الثقافات ليس فقط أمر لا مفر منه، بل أيضا ميزة سانحة أمام مجتمعاتنا.

[17هناك مثل شعبي في كينيا يذكرنا بأنه «لا يوجد إنسان غير معرّض لأن يكون يتيمًا».

[18كتب الأخ روجيه في «قواعد تيزيه» (1954) أن: «الاستهزاء بالآخر، هذا السم الذي يصيب الحياة الجماعية، هو فعل خسيس لأن من خلاله يتم إلقاء ما يبدو على أنه حقائق لا يجرؤ أصحابها على قولها وجها لوجه، وهي أيضا فعل جبان لأنها تدمّر شخص أحد الأخوة أمام الآخرين».

لإنزال الرسالة في صورة ملف PDF :