TAIZÉ

نصوص من الإنجيل مصحوبة بتعليق

 
المقصود من هذه التأملات الإنجيلية هو البحث عن الله في الصّمت والصلاة في غمار حياتنا اليومية. في غضون يومك، خُذ لحظة من وقتك لِقراءة نص الإنجيل والشرح القصير، وتَأمل في الأسئلة التي تليهما. بعد ذلك يُمكن لمجموعة صغيرة مؤلفة من ٣ - ١٠ أشخاص أن تجتمع لكي يتشارك أعضاؤها بما اكتشفوه وربما لكي يمضوا وقتاً في الصلاة.
2011

آب (أغسطس)

يوحنا ١٦:١٦-۲٤ ألمُكم سيتحول إلى فرح
تابع يسوع بقوله: "بعد قليلٍ لا تَرونني، ثمّ بعد قليلٍ تُشاهدونني". فقال بعض التلاميذ لبعض: "ما هذا الذي يقوله لنا: بعد قليلٍ لا تَرونني، ثمّ بعد قليلٍ تُشاهدونني، وأنا ذاهبٌ إلى الآب". وقالوا: "ما معنى هذا القليل؟ لا ندري ما يقول".
 
فعَلِم يسوع أنهم يُريدون أن يسألوه، فقال لهم: "تسألون عن قولي: بعد قليلٍ لا تَرونني، ثمّ بعد قليلٍ تُشاهدونني. الحق الحق أقول لكم: ستنتحبون وتنوحون، وأمّا العالم فيَفرح. ستَحزنون، ولكن حُزنكم سيَنقلب فرحاً. إن المرأة تحزن عندما تلد لأن ساعتها حانت. فإذا وضعت الطفل لا تَذكر شدّتها بعد ذلك لفرحها بأنه قد وُلد طفلٌ في العالم. فأنتم أيضاً تحزنون الآن ولكنّي سأعود فأراكم فتَفرحُ قلوبكم وما من أحد يسلُبُكم هذا الفرح. وفي ذلك اليوم لا تسألونني عن شيء. الحق الحق أقول لكم: إن سألتم الآب شيئاً باسمي أعطاكم إياه. حتى الآن لم تسألوا شيئاً باسمي. إسألوا فتنالون ويكون فرحكم تاماً". (يوحنا ١٦:١٦-۲٤)

الوداع ليس أمراً سهلاً، خاصةً عندما يتعلق بشخصٍ تُحبه، كان مصدر أملٍ ومغزى في حياتك. يسوع يُعلن لتلاميذه أنه يجب عليه أن يغادرهم. يتكلم عن رحيله قائلاً بأنه "ذاهبٌ إلى الآب" (يوحنا ١٧،٥:١٦). بالطبع التلاميذ حزنوا لهذا الخبر و للفراق. علاوةً على ذلك، فإن شرح يسوع لهذا الحدث غامضٌ للغاية، لذلك لا يشعر التلاميذ بالحزن فقط بل أيضاً بالحيرة.

هذا النص يسبق آلام المسيح عندما كان يُحاول يسوع أن يُحضّر تلاميذه لموته. ولكن تمت كتابته بعد موت يسوع. يَكتب يوحنا إلى مجتمعٍ مسيحي فقد عزيمته. الناس يؤمنون برسالة المسيح ويؤمنون بالقيامة ولكن بشارتهم لرسالة المسيح لم يتمّ قبولها. أليس هذا الأمر شبيهاً بما يحدث في مجتمعنا المسيحي اليوم؟ في مجتمعٍ علماني ويعج بالتكنولوجيا، قد يبدو أحياناً أنه لا يوجد مكانٌ لبشارة الإنجيل.

يسوع لا يَعد تلاميذه بأن وضعهم سيتغير. والقرار الذي اتخذوه ليتبعوه ليس كافياً لجعل حياتهم أكثر سهولة. حتى أن يسوع يقول لهم أن العالم سيفرح عندما يرى الآخرون أنهم يَبكون ويَنوحون. كيف إذاً يقوم يسوع بإبقاء الأمل في تلاميذه؟

إنه يحقق هذا بدعوته لهم بأن ينظروا إلى الأحداث بطريقة مختلفة. الحزن يحجب رؤيتنا ويشوّه الواقع. عندما يغمر الحزن قلوبنا، بإمكاننا أن نصبح معزولين لدرجة أننا لا نرى ما يحدث حولنا مما يؤدي إلى الإحباط. وهذا الشعور يكون مثل عدوٍ جبار. من خلال موته وقيامته، يكشف لنا يسوع أنه بالرغم من وجود الألم و المعاناة والموت إلا أن الكلمة الأخيرة لا تعود لهذه الأحاسيس.

يشرح يسوع معنى كلامه من خلال مثلٍ يصف تجربةً تخصنا جميعاً – الولادة (يوحنا ۲١:١٦). عندما تلد المرأة لا يمكنها تجنّب الألم. يجب عليها أن تشعر بالألم لكي تتمكن من الشعور بالسعادة. كذلك يُمكن فهم الصليب فقط من خلال القيامة. القيامة لا تَمحو الصليب ولكنها تُحوّل معاناة الصليب إلى رجاءٍ يُمكِّن التلاميذ من الإيمان أنه بالرغم من الألم الحالي، هناك أملٌ للمستقبل. يسوع يدعو تلاميذه إلى أن يروا سر الفصح كمِثال التجربة المسيحية والبشرية.

الفرح الحقيقي يحررنا. الفرح الزائف قصير الأجل ويقود إلى العبودية. لكي يُحرروا أنفسهم من حزنهم كان على التلاميذ أن يكتشفوا فرحاً مذهلاً مثلما كان ألمهم مروّعاً. إن مثل هذا الفرح لايمكن أن يكون مدبراً. مثل الحياة، إنه نعمة موهوبة في لحظات غير متوقعة. إنه فرحٌ داخلي يكشف عن رجاءٍ غالباً ما يظل مخفياً. إنه الفرح الذي يَمنحنا السخاء لبذل حياتنا للآخرين. إنه فرح القيامة.

- متى واجهت موقفاً مليئاً بالألم والحزن تحول إلى فرح؟

- ماذا يساعدني على "اختيار الفرح" في حياتي اليومية؟

- كيف يغيّر هذا الخيار الطريقة التي أرى فيها حياتي والأحداث من حولي



تأملات إنجيلية أخرى: